بِرٌّ وإحسان
لا أكتب هذه المقالة من قبيلِ ادِّعاء الفضل أيها القراء الكرام، لكنني أحِبُّ الخير لإخوتي جميعا، وأرجو لنفسي ولهم الخاتمة الحسنة وأحتسب هذه المقالة من باب النصح لنفسي ولهم.
وإنني أتوجه بالقول لمن أفضى أحد من أقاربهم إلى ربه، وأصبح في كنف الله، غفر الله لميتكم ورحمه وأسكنه الجنة، وجبركم فيه بخير، وألهمكم الصبر، وأجزل لكم الأجر وأحسن عزاءكم.
وإن من البر والإحسان ما يفعله ذوو المتوفى وأصدقاؤه بعد تشييعه من أداء ما عليه من دَيْنٍ، مع التحلل وطلب المسامحة ممن لهم حقوق عليه.
ومن تمام أداء حق الميت على أهله وأصدقائه وإبراء ذمته في هذا العصر، المبادرة بالاطلاع على حساباته في وسائل التواصل وإثبات ما تحتويه من منشورات ومقاطع جيدة تجلب له الحسنات، بل إثراؤها بمختارات من التلاوات القرآنية والأحاديث النبوية والمقاطع التي تشيع العلم النافع، وتحث على مكارم الأخلاق، وهم مطالبون كذلك بحذف ما قد لا يفيد الميت، كالمقاطع الغنائية والفنية الهازلة والآراء المرتجلة التي قد تجلب السيئات، إذا بقيت منتشرة بين الناس عبر صفحاته التواصلية.
إن المبادرة بهذا العمل تسهم في تنقية صفحة الإنسان بعد وفاته، وتساعد على تبرئة ذمته، وهي لا تقل أهمية عن أداء الديون ورَدّ الحقوق المتعلقة بالميت إلى أصحابها.
وما أجمل أن يتولى الإنسان فعل ذلك بنفسه في حياته لأنه لا يعلم متى يحين أجله، والله -سبحانه وتعالى- يقول في محكم التنزيل «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» العنكبوت : 57.
الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الصحيح الذي رواه أبوهريرة رضي الله عنه «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أورده مسلم في صحيحه، كما روى أبوهريرة حديثا آخر حسنا صحيحا «أكْثِروا من ذكر هادم اللذات» وقد أورده الترمذي والنسائي في سننهما.
والشاعر العربي الحكيم بن الحارث النهشلي يقول:
كُلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ في أهلِهِ
والموتُ أدنى من شِرَاكِ نَعْلِهِ.