تحريك المقابض
وهب الله الإنسان عقلا مبدعا من أجل أن يفكر به ويتأمل فيما حوله، ويخضع الأمور لدراسة متأنية يميز فيها بين الصحيح والخطأ، بين الخير والشر، بين الإيجابي والسلبي، ويدقق في الأمور ويهتم بالموضوعية والاتزان إلى غير ذلك.
وبالرجوع إلى كتاب الله الكريم سيجد القارئ العديد من الآيات التي يأمر الله بها بني البشر بإعمال تفكيرهم واستخدام عقولهم، وكلما أعمل الإنسان عقله، واستخدم تفكيره تمكن من الوصول إلى أفكار مبدعة، ومقترحات مفيدة، وأفعال رائعة، واكتشف أسرار المجهول من الأمور، ما يولد لديه همة عالية وطموحا لا يقف عند حد، لذلك تبرز هنا أهمية الممارسة المستمرة لدى كل إنسان في استخدامه لعقله وتفكيره.
وفي ضوء متغيرات العصر الحاضر وما يحيط بالشباب من مغريات متنوعة وكثيرة، تجعل من الأهمية بمكان إكسابهم مهارات التفكير حتى لا يظلوا في حيرة من أمرهم ويكونوا لقمة سائغة لكل متربص وحاقد.
والملاحظ أن بعضا من بني البشر وخصوصا الشباب قد أغلقوا منافذ التفكير وبوابات العقول بمقابض من حديد، فعطلوا قدراتهم التفكيرية، وأصبح همهم هو اللهاث وراء الماديات، والرضا بالقليل، وعدم بذل مزيد من الجهود للتفكير، فكانت المحصلة النهائية جمود عقولهم وضحالة تفكيرهم، وضعف هممهم ووقوفهم عند الدرجة الأولى في السلم، ليس لديهم الرغبة في التقدم والصعود والوصول إلى الأعلى.
ولعل مما يساعد على تحفيز التفكير، وتشجيع العقول على الدراسة والبحث والاستقصاء والإبداع، هو توفر البيئة التعليمية المناسبة التي تعتمد على استخدام العديد من الطرائق التدريسية المتنوعة التي تنمي مهارات التفكير التأملي والإبداعي لدى الدارسين، وتكسبهم مهارات البحث والإبداع والابتكار، وتدفع إلى طرح المزيد من الأفكار المبدعة، وكذلك وجود الأستاذ القادر على إشعال فتيل النقاش والحوار بطرق استنتاجية واستقرائية متنوعة، إضافة إلى استخدام التقنيات الحديثة بصورة إيجابية تدفعهم إلى مزيد من التأمل والفحص والتقصي، وتنويع بعض المتطلبات والتكاليف المحفزة لمزيد من التفكير عبر المنصات التعليمية، ولا سيما أن شبابنا يمتلكون عقولا رائعة قادرة على التميز والإبداع.
ومن هنا أهيب بطلابنا وطالباتنا إلى إطلاق العنان لعقولهم، وتحريك المقابض بصورة مستمرة ودائمة تمكنهم من الوصول إلى أعمال خالدة تعود عليهم وعلى مجتمعهم ووطنهم بالنفع الكبير والثمرة اليانعة.