ابن المخواة «حسنين» والجرأة والطموح
حين ساقته خطواته الأولى نحو ميادين كرة الكرة، لم يكن يدور بخلدنا أن حسن العُمري سيتحول أيقونة وطنية يتردد صداها على مستوى الدوري، حيث بات اللاعب السعودي الوحيد الذي ينافس بقوة على لقب هداف الدوري السعودي.
«حسنينو» كما يحب أن يطلق عليه مريدوه وعشاق فنه، أحد النماذج الشابة التي نفخر بها كونها امتلكت الطموح والشغف، وشقت طريقها نحو النجومية، متدثرة قيم الإخلاص والإيمان بالذات.
لم يسمح للكليشيهات العريضة التي تؤطر الأشياء في المجال الرياضي وتضعها نطاقات ضيقة أن تسيطر عليه أو أن تحد من طموحاته، ألقى خلف ظهره بحكايات نجومية وسطوة اللاعبين الأجانب وتجربتهم العريضة وما توفر لهم خلال مسيرتهم الطويلة، وذهب نحو البحث عن مشروعه الشخصي بدأب يستحق الاحترام، فزار شباك الخصوم وتجاسر على اختراق ودك كل الدفاعات الحصينة، فكان بجرأته وشخصيته القوية سببا في إقصاء أندية جماهيرية من مسابقات مهمة.
لم يلتفت هذا الشاب الذي نفخر به عاليا لتلك العناوين العريضة التي تُمنح -في العادة- للأندية الجماهيرية ولاعبيها، لأنه كان يؤمن أنه يجب أن يكون هو العنوان الأعرض في دوري محمد بن سلمان.
وحدث أن كتب حسن اسم اللاعب السعودي على جدار الأبطال، واقتحم بجرأة نادرة قائمة الهدافين، بعد السيطرة المطلقة للاعبين الأجانب، على لقب الهداف خلال العقد الماضي تقريبا.
بزغ نجم الشاطر حسن، فأعاد بمواهبه العالية الأمل في إمكانية بزوغ نجوم سعودية تقارع الأجنبية في زمن الهيمنة الأجنبية وشح المواهب السعودية، وأشاع في النفوس بما يقدمه من عطاء كبير، الكثير من البهجة، بظهور اسم فذ يسير على خطى الكبير محمد الشلهوب الذي كان آخر نجومنا الكبار وآخر الفرسان في ميدان المنافسة على لقب الهداف.
أكد حسن حقيقة قدرة اللاعب السعودي على مقارعة النجوم، وكتب سيرته منذ الظهور الأول بأحرف من نور، وبحضور مهيب، ورغم أن حسن العُمري لا يلعب في مركز قلب الهجوم، إلا أنه استطاع بما يملكه من أدوات اللاعب الطموح أن يقلب الطاولة وأن يزاحم على صدارة الهدافين حتى اللحظة، وكان غير مرَة هو الخبر السعيد لبني قادس، ليذهب بعد كل هدف يحرزه نحو الاحتفال معهم على طريقته الخاصة، وهو يرش على وجبة الفرح خلطته التي لم يكشف السر عنها، إلا أنها تهب الجميع مذاق اللذة.
إذا كان النجم الشهير محمد نور يمثل أحد مصادر الفخر لأهالي مكة، حتى أن ابن مكة غدا أحد أشهر ألقابه، فإنه يحق لنا نحن -أبناء المخواة- أن نفاخر بحسن، كتجربة ونموذج ومثال حي للحضور الغني الذي يُحيلنا إلى معاني الإصرار والشخصية التي لا تعترف إلا بالتفوق، وأن نرى فيه أحد مصادر الاعتزاز، كونه رفع أسهم اللاعب السعودي في بورصة الهدافين.