حياتُنا، مجرّد فكرة
عندما تمخّضت شجرة التفّاح، أنجب “نيوتن” قانون الجاذبية، وهوى عباس بن فرناس أرضاً فأقلعت الطائرات، وأبدع البرت سبير في الهندسة المعمارية فغيّر معالمها صديقه “هتلر”، وأضاء “أديسون” الشوارع فدمّرها “نوبل” بالسلام.
حينما سُئِلت “أم الدرداء” عن أفضل عمل لـ”أبي الدرداء” قالت: التفكّر، والتفكر هنا هو تفكرٌ في عظمة الله وآياته، وهو الاستطراد الإيجابي الواجب على المسلم، بينما نجد في الجهة المقابلة قول الله عزّ وجل في الوليد بن المغيرة: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ.
وهو ما يدلُ على سلبية التفكير، وأن النهاية غالباً ما تكون بسبب فكرة!، وكما نعلم أن ابن آدم قتل أخيه من فكرة ومن ثم واراه من فكرة ايضاً.
الأفكار والخواطر لا تعترف بزمانٍ أو مكان بل هي وقرٌ في القلب ترضخ لمن وعيَ، وتقتل من جهل، وهي لا تقتصر على أمور الدنيا فحسب، بل هي أمرٌ متعمقٌ في الدين أيضا سواء كان ذلك بالإيجابية، وما تورّثه من يقينٍ وتدبرٍ وفقه أو كان ذلك بالسلبية وما تخلّفه من الحادٍ وشبهةٍ وعُجب!
لذلك كان لزاماً علينا مراقبة أفكارنا وما تؤول اليه من علمٍ أو عمل قبل أن تنشر، إذ أن المقولة العلمية تقول: الأفكار تصبح أفعالاً، والأفعال تصبح عادات، والعادات تصبح طباعا، والطباع تحدد مسير حياتك، هي مقولة واقعية إن استمر الإنسان وفق طريقة تفكيرٍ واحده من غير أن يغيّرها، وكما هو معروف بأن التغيير يبدأ من الداخل.
“ابن القيم” حين وصف النفس وما يعتريها من خواطر وأفعال بكلامٍ نفيس قال: خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى، ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط، بل لابد لها من شيء يوضع فيها، فمن الناس من تطحن رحاه حباً يخرج دقيقاً ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملاً وحصاً وتبناً ونحو ذلك! فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه.
ختاما وختام القول “مسك” هكذا هي حياتنا، مجرّد فكرة، لذا تيقنوا من أفكاركم قبل أن تُطحن للغير.
رأي : ماجد عبدالله الرفاعي