«مافيا» التسويق
قدّم البرنامجُ الوطنيُ لمكافحةِ التسترِ التجاريِ ستَ عشرةَ مبادرة أكثر من رائعة لو بوشرت بالتنفيذ، كما تم التخطيط والرصد لها، وإذ صدرت موافقة المقام السامي الكريم الأسبوع الماضي على تنفيذ توصيات البرنامج، الذي يهدف لمعالجة التستر في كل القطاعات وتطوير الأنظمة والتشريعات المتعلقة به، وتحفيز التجارة الإلكترونية واستخدام الحلول التقنية، فلا ريب أننا كأفراد أو شركات سعودية وطنية نتوقع نتائجَ ملموسة على جودة ونزاهة العمل التجاري وخلوه من العقود الباطنية ونظام “امسك لي واقطع لك” الذي أوجد طبقةً خفيةً مهيمنةً من المستفيدين عن غير وجه حق، في حين يهدف البرنامج إلى تنظيم التعاملات المالية للحد من خروج الأموال وتعزيز النمو في القطاع الخاص وتوليد وظائف جاذبة للسعوديين وتشجيعهم للاستثمار وإيجاد حلول لمشكلة تملك الأجانب بشكل غير نظامي في القطاع الخاص، نستطيع التنبؤ بأن المهمة لن تكون سهلة، إذ تقوم بعض شركات التسويق والخدمات الإلكترونية بتمرير ممارسات غير نظامية، وهي الشركاتُ التي من بين أعمالها خدمات إشهار المواقع في جوجل وفيس بوك وتويتر، ودعم العلامة التجارية لشركات العملاء، وتحقيق عائدات ربحية عالية، وتحسين الصورة والسمعة والانتشار على الإنترنت، وأيضًا القيام بزيارات مستهدفة، في المعظم يترأس هذه الشركات مديرون غيرُ سعوديين “يستعملون” شبابًا سعوديين غرر كغطاء لحضور الاجتماعات المبدئية لاكتساب ثقة العملاء، وبعدما تُوّقع العقودُ وتتصافح الأيادي، يكتشف العميل أن العاملين الحقيقيين هم صفوفٌ من الموظفين الأجانب بالخفاء، المصيبة أنهم ممسكون بتلابيب العمل من عنقه مشكّلين كتلة أسمنتية بوجه السعوديين المتفوقين الذين يهددون تكتلهم، وهم أمام شاشاتهم في بلدانهم البعيدة، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يقبل بعض السعوديين أنفسهم التعامل مع شركات سعودية / أجنبية مقابل الفتات والراحة وإحضار من يقوم بالعمل بدلًا عنهم!، الإشكالية أن هذه الشركات تقدم نفسها كخبراء ومستشارين في مجال تطوير المحتوى والإعلام والتسويق عن جهل كبير باحتياجات السوق وفهم متطلبات الجمهور واللغة التي تصل إليه، تعيد للذاكرة إعلانات الصحف وملصقات الشوارع لصور شباب بملامح مستوردة و”شُمغ” مائلة.
لا يجب أن يكون الشق أكبر من الرقعة، وتولي وزارة التجارة مسؤولية الحد من تسرب الأموال إلى الخارج ومعالجة الآثار المدمرة للاقتصاد الوطني يجب أن يكون حاسمًا وحازمًا، خاصة وأن التمثيل السعودي المزيف لا يخدم التشجيع على توظيف السعوديين من جهة ولا تقوية مناعة الاستثمار المحلي من جهة أخرى، وهي أهم نقاط المبادرة.
رأي : رحاب أبوزيد
الحديث ذو شجون وله زوايا وأبعاد أخرى أكثر إيلامًا، وكلها أبعد ما تكون عن المهنية والاحترافية والتجارب عديدة ومتكررة لهذه الكتل التي تشبه كرات لهب متدحرجة بعنف في وجه الجميع .. أحسنت الكاتبة الرائعة