كرةُ القدمِ جسرٌ ثقافيٌ
سعيد الأحمد
في عام 1998 م – تقريبًا – وبمدينة الضباب، بمنتصف الصيف و«الهايدبارك» تمامًا، التقيت مجموعةً من الإخوة المغاربة كان بينهم داعية إسلامي جزائري يدعى «أحمد مسلاتي» دارت بيننا أحاديثُ كثيرةٌ ورفقات متعددة، على غداء حينًا وعلى عشاء تارةً أخرى، بدأت لأول حديث لي معهم بقولي «أرجو أن تتحدثوا معي بالإنجليزية، فأنا لا أجيد الفرنسية ولا أفهم المغاربية» كنت حينها لا أعرف من المغرب العربي سوى مجموعة من الأدباء الكبار الذين قرأت لهم على مدى سنوات، من بينهم «محمد شكري» و«إبراهيم الكوني» و«الطاهر وطار»، وغيرهم، إلى جانب بعض ترجمات أخرى من الفرنسية نفذها مترجمو المغرب، ولازلت أعاني من فهم اللهجات المغاربية.
بهذا الموسم انضم اللاعبان المغربيان «نور الدين إمرابط» و«عبدالرزاق حمدالله» إلى الكتيبة الصفراء «نادي النصر السعودي» وكون «حمدالله» أصبح لاعبي المفضل لهذا الموسم -بلا منازع- أصبحت أتابعه في «السوشيال ميديا» باستمرار. أدهشني كم التوافق والانسجام بينه وبين جماهير الشمس في الرياض، وهو كريم في تواصله وليس شحيحًا، وما لفت انتباهي حقًا أن كثيرًا من الشباب والبنات تعلموا اللهجة المغربية حبا في «حمدالله» السفير الحقيقي لثقافة بلده وأعرافها الرصينة الأصيلة.
الأغرب من ذلك هو أنني بعد كل هذه السنين بدأت أفهم اللهجة المغربية بشكل جيد، ولم تعد هناك عوائق بيني وبين كثير من مفرداتها واصطلاحاتها، فمن قال: إن كرة القدم ليست ثقافة، بل جسرٌ شعوبيٌ قد يحمل وينقل ما تفشل به كثيرٌ من المطويات والكتب والمهرجانات الاستعراضية، ومن قال: ليس لها سفراء يمثلون ثقافات بلدانهم ويصلون بها إلى أشقائهم بكل هذه السلاسة والفنية والرقة، فشكرًا، «حمدالله» فقد تعلمت منك درسًا جديدًا لم تعلمنيه الكتب «وعلاش انخاف ياخويا».
رأي: سعيد الأحمد