الحوار أم التغافل؟
من سنن الله في الحياة الاختلاف، اختلاف الآراء واختلاف وجهات النظر واختلاف الأفكار واختلاف أساليب الحل واختلاف الشخصيات وأنماطها وكينونتها، هذا الاختلاف له جوانب سلبية وإيجابية، فكما أنه يساعد على عدم ثبات ما حولنا وتغيره وتنوعه بسبب أن لكل إنسان أسلوبه المختلف عن الآخر، فكذلك هذا الاختلاف قد ينشأ عنه خلافات قد تحتد وتشتد وتصل لمستويات من التنافر.
كثيرًا ما نقف على حوارات ونقاشات بين أطراف، فقد يكون كل الأطراف على حق، وأن هذا النقاش الذي يراه البعض اختلافًا وينتج عنه اختلاف، سببه أسلوب طرح الأفكار من طرف أو من كل الأطراف، أيضًا غياب ثقافة الحوار السليم والذي يفترض أن يكون هدفه تبيان الواقع وتجلية الحقائق وتفسير الغامض لتصل الأطراف إلى نقطة التقاء.
كثير من الخلافات الزوجية تنتج عن مثل هذه الاختلافات، فنجد كل طرف يحاول أن يثبت أنه على حق، وأن الطرف الآخر مخطئ وأن هذا الخطأ كبير، وبعد كثير من الاستقصاء والتعرف على تفاصيل الخلاف بينهما نجد أن أصل المشكلة كان تافهًا وبسيطًا، لكنه تطور لأن السبب الذي يدعيه الطرفان ليس هو السبب الحقيقي، بل إن هناك أسبابًا أخرى لم يرغب كل طرف في الحديث عنها وتحجج بهذا السبب، كل طرف كان يرى ويواجه ما لا يعجبه ويضايقه ويسكت ويكبت في نفسه، وعندما حصل الأمر التافه انفجر وبدأ في التشكي واختلاق المشكلات من صغائر الأمور.
كان يمكن لمثل هؤلاء أن يتحاوروا ويتحدثوا مع الشريك بما يضايقهم وما لا يعجبهم، ويوضح كل طرف وجهة نظره حول الموقف وتبعاته، قد لا يتفقان في النهاية على رأي واحد صحيح، لكنهما لن يختلفا وسيصلان لنقطة التقاء قد تكون في المنتصف ترضي كلا الطرفين، فتستمر حياتهما بعيدة عن المشكلات التي تعكر صفو حياتهما ومن حولهما.
إذا رأيت ما يزعجك ويضايقك من شخص يهمك وتربطك به علاقة قوية ويعني لك هذا الإنسان الشيء الكثير، فإن الحوار معه حول أخطائه أو ما لا يعجبك منه، خير من أن تحاول أن تتغافل عن هذه المواقف في كل مرة.